12‏/10‏/2013

بيوت النار بالقدس تخمد رمادها

نشرت من طرف : Unknown  |  في  3:19 م


عدسة:محمد عيد 
 هُنا القدس – شذى حمّاد
دع عينيك لتسترق النظر للخبز الذي يحتضنه بيت النار في أحد مخابز بلدة القدس القديمة، وأطلق عنان أنفك ليتلذذ برائحة الخبز والحطب، واستمتع ما استطعت وأنت تتذوقه، فمحكمة الاحتلال أمهلت (14) مخبزا أعمارها (100) عام ويزيد، أشهر قليلة لتزيل بيوت النار التي تشكل إرثا تناقلته عبر الأجيال وتحولها للعمل على الغاز والكهرباء، أو لتستسلم وتغلق أبوابها كاملة.
حرمان المقدسين من لذة خبز بيوت النار ليس كل ما سيقود إليه قرار محكمة الاحتلال، ففور أن تغلق المخابز مداخنها التي لن تصبح بعد اليوم سوى أعشاشا للحمام، وستحرم عشرات العائلات مصدر رزقها، كما وستصبح بين يدي الجمعيات الاستيطانية الساعية للاستيلاء عليها.
(65) فردا مهددين بفقدان مصدر رزقهم الوحيد إذا نجحت بلدية الاحتلال بإغلاق مخبز أبو سنينة في حي القرمي في البلدة القديمة، بعد أن سلمتهم إخطارا أخيرا في الـ(19) من أيار الماضي.
 مجدي أبو سنينة أوضح لـ"هُنا القدس" أنه جهز المخبز بكافة معاير السلامة الذي اشترطتها بلدية الاحتلال للحصول على الرخصة، إلا أنها لم تمنح أبو سنينة الترخيص، طالبة منهم تقديم رخصة "شيموش حريه" أي استعمال مخالف، وقال،" قدمنا لهم المخططات كاملة للمرة الثالثة إلا أنهم رفضوا مجددا وطلبوا أوراق ملكية المخبز".
عائلة أبو سنينة تناقلت استأجر المخبز من أصحابه عبر الأجيال، ما يعني أن الحصول على أوراق تثبت ملكية الخبز حسب طلب بلدية الاحتلال الأخير ليس سهل، كما ويؤكد خبايا نواياها، فيقول مجدي،" حصول بلدية الاحتلال على أوراق ملكية المخبز هدفها إحصاء ورثة الملك، وهم يتواجدون بالقدس وخارجها"، مؤكدا على أن الاحتلال يبحث عن الورثة القاطنين خارج البلاد ليتيح لحرس أملاك الغائبين ليضع يده على المخبز.
توسيع المخبز وإضافة غرف للغيار ومخزن وحمامات ومطبخ ومغاسل، ما عملته عائلة أبو سنينة مؤخرا محاولة الحصول على ترخيص للمخبز، إلا أن التضييقات تلاحق العائلة من كل الاتجاهات بالأرنونا تراكمت عليها منذ ثلاث سنوات بقيمة (44) ألف شيقل، إضافة لمخالفة بناء منزل  في رأس العامود بقيمة (30) ألف شيقل، " في أي وقت قد تأتي شرطة الاحتلال وتعتقلني وتغلق المخبز، نحن لا يوجد معنا الأموال لنعيين محاميين للدفاع عنا ولا يوجد مصدر رزق أخر لنا" قال مجدي.
التضييقات المحيطة بمخبز أبو سنينة تأتي ضمن الحملة الاستيطانية الشرسة التي يتعرض لها حي القرمي والسريا وعقبة الخالدية والتي ينوي الاحتلال طرد سكانها وتحويلها لحي يهودي يطلق عليه "الحي اليهودي المتجدد"، "يضغطون علينا من كل السبل حتى نهجر من الحي أو نبيعهم أملاكنا، نحن قعدنا مع مسئولين ليساعدوننا لتصدي لهذه الحملة الاستيطانية قانونيا إلا أن الدعم ما زال ضعيف جدا ويكاد يكون غير موجود بتاتا".
من حي القرمي إلى عقبة شداد، وتحديدا في مخبز البلدة القديمة حيث قابلنا صاحبها شادي رمضان أبو سنينة يضع دفعة أخرى من الخبز ببيت النار، فاستهل حديثه لـ"هُنا القدس"،" الاحتلال يلاحقنا بكل الطرق لهجرنا عن البلدة القديمة ويستولي عليها بالكامل".
وأوضح شادي أنه تلقى إخطار من بلدية الاحتلال العام الماضي ما أجبره على توفير المعايير المطلوبة في المخبز ليحافظ قدر المستطاع عليه حيث أضاف تعديلات بقيمة (70) ألف شيقل، مؤكدا على أنه ما زال يضيف المطلوب شيئا فشيئا حسب قدراته المادية.
(10 -12) ألف شيقل يدفع شادي ضريبة وأرنونا لبدية الاحتلال كل شهرين من ضمنها ضريبة وضع أرمة على واجهة المخبز واحتساب مساحتها من مساحة المخبز، فيقول،" نحن لا نعمل لنعيل أسرنا بل نعمل لندفع للبلدية" مؤكدا على منطقة شداد مصنفة ضمن مناطق (ج) والتي تبعد عن مركز البلدة القديمة حيث تكون فيها الحركة التجارية خفيفة جدا، ما يتوجب جمع ضرائب بقيم أقل مقارنة مع المخابز والمحال التي تقع بالمركز وتشهد حركة تجارية بشكل كثيف.
المخبز الذي يعود تاريخه للعهد العثماني، أجبرت بلدية الاحتلال العاملين فيه على هدم بيت النار عدة مرات ما مس عراقته إلا أنه ما زال يعيل ثماني أسر،" نحن مخنوقين جدا من ممارسات حكومة الاحتلال نشعر بأنها شريكة لنا بملكنا وتأخذ ضعف ما نكسب"، وأضاف شادي،" نتمنى أن يقف بجانبنا أحد ليضع حدا لانتهاكات الاحتلال، هذا هو كل ما نطلبه لنستطيع إعالة أسرنا".
مخبز حجازي لم يعد ينتج الخبز المشبع بحطب بيت النار، فسبع سنوات وبلدية الاحتلال تلاحق ثائر حجازي بغية إغلاقه، ثائر قال لـ"هُنا القدس" لا طريق أمامنا الآن سوى هدم بيت النار وترميم المخبز ضمن المعايير التي طالبتها البلدية، المخبز يعيل سبع عائلات وعلينا الحفاظ على مصدر رزقنا"، مؤكدا على أن تكاليف إعادة ترميم المخبز ستكلف ما يزيد عن (70) ألف شيقل.
مخابز بيوت النار في بلدة القدس القديمة لا يوجد أمامها الآن سوى خيارين لا ثالث لهما، فإما هدم بيت النار التاريخي وتوفير المعاير التي تشطرتها بلدية الاحتلال وإما الاستعداد لمواجهة الإغلاق الكامل، الخيار الأول ومهما حاول المقدسيون من أصحاب المحال توفيره فلن تمنحهم بلدية الاحتلال ضمن اختراعها شروط ومطالبات تعجيزية جديدة بهدف تهجيرهم والاستيلاء على المزيد من العقارات، والخيار الثاني سيبقى المتاح اليوم أو غدا إذا لم يجدوا من يقف معهم، فإلى متى سيعول على صمودهم؟

التسميات :

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

الفئة 4

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

back to top