المصدر – وطن للأنباء – محمود السعدي:
على بعد أمتار من بلدة يعبد جنوب مدينة
جنين شمال الضفة الغربية يتخذ أصحاب مهنة تحويل الحطب إلى فحم مساحات من
الأراضي مصانع تقليدية ورثوها عن أجدادهم، والتي باتت تعرف بما يسمى
"المشاحر".
وأصبحت مهنة صناعة الفحم من المهن الأساسية في يعبد والبلدات المجاورة منذ بداية خمسينيات القرن الماضي لتصبح مهنة يتوارثها الأبناء، ومصدر دخل يعتاش منه مئات العائلات.
يقول كايد أبو بكر (صاحب معمل فحم) لـ "وطن للأنباء": عملت في "المشاحر"، منذ أن كنت طفلاً بالخامسة عشر من عمري عام 1979، وتعلمتها من والدي الذي تورثها عن جده منذ خمسينيات القرن الماضي، التي يهددها خطر الانقراض.
وتبدأ المرحلة الأولى في صنع الفحم النباتي، من خلال حفر حفرة كبيرة قطرها 10 أمتار، ثم تجميع الحطب داخلها، والمستورد من داخل الخط الأخضر، بعد شرائه على شكل قطع جاهزة يتراوح طولها ما بين 30 إلى 70 سم ذات أوزان مختلفة.
ويقوم كايد بترتيب قطع الحطب في الدائرة بشكل هرمي ابتداءً بالحطب الرفيع ثم الأكثر سماكة وانتهاء بالحطب الرفيع لتصبح الشكل النهائي لـ "المشحرة"، وبعد ذلك يغطي الحطب بالقش الذي يرش الماء، ويضع فوق القش المبلول ترابًا، الذي يعمل على عزل الحطب عن الهواء، ثم يتركها ليلة كاملة كي تجف، وفي صباح اليوم التالي يقوم بالصعود إلى الأعلى ويشعلها بواسطة جمرتين كبيرتين من الفحم.
وتستمر عملية إحراق حطب "المشحرة" لتحويله إلى فحم مدة خمسة عشر يومًا، وفي كل يوم يتم فتح رأسها وتزويدها بالحطب صباحًا ومساءً إلى حين تحويلها لفحم مشتعل، وينخفض حجمها إلى النصف بعد إحراق الحطب، ثم ينظف الفحم بعدها من الغبار والأتربة وبقايا القش.
ويتم إطفاء الفحم ليصبح جاهزًا للاستخدام من خلال تغطية "الشحرة" بقطعة من النايلون توضع عليها مدة 4 أيام، التي تعمل على عزل الهواء عن الفحم دون استخدام الماء".
ويتهدد خطر الانقراض "المشاحر" في يعبد نظرًا لما يعانيه أهالي البلدة من السلبيات التي تواكب تلك المهنة، فغبارها ودخانها يلوث أجواء يعبد وبلداتها المجاورة، كما يعاني الأهالي من اتساخ منازلهم لما يعلق بجدرانها من غبارها الأسود، بالإضافة إلى لجوء عدد من التجار لاستيراد الفحم المصري، مما يقلل الطلب على الفحم اليعبداوي.
ويطالب سكان يعبد بمحاولة إيجاد بدائل أخرى عن الطريقة التقليدية لصناعة الفحم، كاستخدام الأفران، لكن أصحاب "المشاحر" يشتكون من قلة إنتاج تلك الأفران مقارنة مع حجم ومتطلبات السوق.
وتعتبر مهنة تحويل الحطب إلى فحم عاملاً اقتصاديًا لبلدة يعبد، يلجأ إليها عدد من سكان البلدة لتوفير مصدر دخلٍ لهم، فيما يسعون إلى تصدير منتوجاتهم من الفحم النباتي إلى محافظات الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر.