تشهد مدينة عكا داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام (48)
مشروعًا "إسرائيليًا" يعده أهاليها أخطر عملية تزوير لهويتها العربية
والإسلامية بذريعة التطوير والسياحة. ويبذل أهالي عكا جهودًا متصاعدة
لإحباط المشروع "الإسرائيلي" بالاحتجاج الشعبي والمسارات القانونية
والاستعانة بمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم "اليونسكو".
وكشف الأسبوع الماضي عن طرح السلطات "الإسرائيلية" معالم
عمرانية تاريخية في المدينة للبيع والتطوير، أشهرها خان العمدان الذي بناه
أحمد باشا الجزار في القرن الثامن عشر.
وخان العمدان عبارة عن مبنى ضخم يقوم على خمسة دونمات بني
بجوار ميناء عكا، وكان يستخدم مركزًا تجاريًا ومقرا للقوافل، فيما استخدم
الطابق الثاني منه للسكن واستمد تسميته من كثرة أعمدته الرخامية.
واستولت "دائرة أراضي إسرائيل" على خان العمدان بعدما
استأجرته لجنة أمناء وقف وهمية في سبعينيات القرن الماضي، واليوم تطرحه
للبيع من أجل تحويله لفندق.
كما يشمل المشروع بيع خان الشونة، وهو مبنى تاريخي استخدم
مخزنًا للحبوب والحمام إضافة لعشرات العقارات والبيوت في المنطقة التاريخية
المعدة للترميم وإعادة البناء والتي تسكنها (36) أسرة.
ومنذ أواخر السبعينيات أخليت عشرات العائلات الفلسطينية التي
سكنت خان العمدان بذريعة الترميم. وتهدد السلطات "الإسرائيلية" الأسر التي
تسكن خان الشونة بفرض غرامات تصل لمليون دولار في حال لم تخل البيوت خلال
خمس سنوات، وهذا ما يعده سامي هواري مدير جمعية "الياطر" في عكا ترحيلًا
صامتًا.
شكوى لليونسكو
علاوة على الاحتجاج الشعبي تحت عنوان "عكا ليست للبيع"،
والمسار القضائي لمناهضة إخلاء السكان وتغيير أبرز معالم المدينة، تستعد
فعاليات الأخيرة بالتعاون مع مجموعة "فلسطينيات" الشبابية ومركز "عدالة"
القانوني للتوجه إلى "اليونسكو" وإطلاعها على خطورة المخططات
"الإسرائيلية".
وتكشف المحامية في مركز "عدالة" سهاد بشارة أنها تعكف على
بلورة استئناف للمحكمة "الإسرائيلية" العليا باسم لجنة أمناء الوقف
الإسلامي وبعض السكان.
كما توضح بشارة أن المركز يرسل بعد أيام مذكرة لليونسكو،
تتضمن الانتهاكات "الإسرائيلية" الكامنة بإخلاء عشرات المواطنين من البلدة
القديمة في عكا وتغيير الطابع التاريخي لعمارتها بما يتناقض مع دستورها.
وتتابع أن المسار الشعبي يبقى الأهم لمواجهة المشروع "الإسرائيلي".
من جانبه يحذر الكاتب يعقوب حجازي، مدير مؤسسة "الأسوار"
المجاورة "لخان العمدان" من انفجار جديد في عكا في حال واصلت السلطات
"الإسرائيلية" مخططاتها لتغيير معالم المدينة.
ويوضح حجازي أن الخانات والحمامات التاريخية تشكّل لجانب مسجد الجزار التاريخي شاهدًا حيّا على الهوية العربية-الإسلامية لعكا.
ويدعو حجازي أهالي مدينته للاحتجاج المنظم والمتواصل لمؤازرة
العائلات المهددة بالترحيل وحماية هوية مدينتهم قبل أن يُجهز عليها، ويضيف
أنه إذا سكت أهل المدينة اليوم على المشروع "فلن يبقى لنا سوى الذكريات
والترحم على أحمد الجزار وأحمد الشقيري وغسان كنفاني وغيرهم من شخصيات
المدينة وأعلامها".
مشروع قانوني
وينبه حجازي إلى أن عكا طالما كانت مهددة ومستهدفة كبقية مدن
الساحل لأهميتها الجغرافية والتاريخية بصفتها أول عاصمة لكينونة سياسية
فلسطينية.
وترى جمعية "الياطر" الأهلية -الناشطة منذ عقد لتثبيت
المواطنين العرب في عكا- أن أزمة السكن أخطر التهديدات التي تواجه
الفلسطينيين في المدينة.
ويلفت مدير الجمعية سامي هواري إلى أن معظم أهالي عكا القديمة
يقطنون في منازل مستأجرة صادرتها "إسرائيل" عام (48)، بعدما هاجر سكان
المدينة الأصليون، وخلص أن هذه العقارات تديرها شركة "عميدار" الحكومية
"الإسرائيلية".
واليوم هناك حوالي (250) بيتًا وعقارًا مغلقًا ترفض شركة
"عميدار"، تأجيرها أو بيعها أو السماح للعرب باستعمالها لتخفيف أزمة السكن
لديهم.
كما تقوم "عميدار" الآن بترميم هذه المباني التاريخية وتعرضها
للبيع بمزادات علنية مما يفتح الباب أمام الأثرياء اليهود لاقتنائها
وتغيير طابعها العربي الإسلامي.
وينبه هواري إلى أن هذه الشركة "الإسرائيلية" تحظر على السكان
العرب ترميم بيوتهم وتحتكر عملية ترميمها مقابل أثمان باهظة تثقل كاهل
السكان مما دفع بعضهم للهجرة من المدينة.
في المقابل اكتفى شمعون لانكري الناطق باسم بلدية عكا بالقول
إن المشروع يتماشى مع القانون، زاعمًا أنه سيعود بالفائدة على كل أهالي
المدينة التي يشكل سكانها العرب نحو (3.5)%.
المصدر: الجزيرة | وديع عواودة