توفي "البلدوزر"، آرييل شارون،
الذي يرتبط اسمه بالكثير من المجازر التي طالت الشعب الفلسطيني من قرية
قبية في فلسطين في خمسينيات القرن الماضي إلى مخيم صبرا وشاتيلا في لبنان
عام 1982.
ولد آرييل شارون عام 1928، في كفر
ملال بفلسطين 1928 التي كانت تحت الانتداب البريطاني، لأبوين من اصول
بيلاروسية وقد اصبح احد القادة السياسيين لليمين القومي قبل أن يحدث ثورة
في المشهد السياسي في الدولة العبرية بخطة الانسحاب من قطاع غزة.
عاش شارون في صباه في قرية صغيرة في ظروف تقشف طغت عليها الخلافات المستمرة مع الجيران الفلسطينيين.
وانضم عام 1945 إلى عصابات "الهاغانا" المسؤولة عن المجازر التي ارتكبت في
فلسطين قبل النكبة وتعتبر نواة الجيش الإسرائيلي، وشارك في حرب 1948.
أسس شارون عام 1953 مجموعات "الكوماندوس 101" القوات الخاصة للهجمات الانتقامية ضد الفلسطينيين. وشنت
هذه المجموعات حملات ضد الفلسطينيين قتل في أعنفها 53 مدنياً في قرية قبية
الفلسطينية. ثم تمكن في 1969 من ضرب المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة عبر
سلسلة عمليات لمجموعات "الكوماندوس 101".
أصيب شارون مرتين طوال سنوات خدمته العسكرية وقد أظهر ميلاً واضحاً لاستخدام العنف. وشارك في حروب عدّة ساهمت في صعود نجمه العسكري، ومنها العدوان على السويس في مصر عام 1956 حين قاد وحدة للمظليين، وعيّن عام 1966، قائداً لفرقة في الجيش الاسرائيلي وهو في سن الثامنة والثلاثين.
قاد شارون فرقة مدرّعة في حرب حزيران/ يونيو عام 1967 وشارك في حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، برتبة لواء، بعد إعادته إلى الخدمة التي تركها مخططاً للتقاعد. وفي تلك الحرب برهن مجدداً عن قدراته كقائد عسكري بعدما عبر قناة السويس ليحاصر الجيش المصري في مناورة جريئة.
عقب ذلك، ساهم شارون في تأسيس حزب
الليكود عام 1973، وتم انتخابه عضواً في الكنيست. وعام 1974 أصبح المستشار
الأمني الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين.
انضم شارون إلى حكومة رئيس
الوزراء الراحل مناحيم بيغن عام 1977 وزيراً للزراعة، ورئيساً للجنة
الوزارية للمستوطنات، حيث شجّع إقامة شبكة من المستوطنات الإسرائيلية في
المناطق المحتلة.
أصبح شارون وزيراً للدفاع سنة
1982 وقاد عملية الغزو الاسرائيلي للبنان في العام نفسه. واعتبرت لجنة
تحقيق اسرائيلية شارون "مسؤولا بصورة غير مباشرة" عن مجازر صبرا وشاتيلا التي ارتكبت في ايلول/سبتمبر العام 1982 مما اضطره الى الاستقالة عام 1983.
تولّى شارون بين 1984 و1990 حقيبة التجارة والصناعة، وأصبح عام 1990 حتى 1990 وزيرا للبناء والاسكان
انتخب رئيساً للوزراء في السادس من شباط/فبراير 2001 واعيد انتخابه في 28 كانون الثاني/يناير 2003.
أصبح شارون عام 1996 حتى 1998، وزيراً للبنى التحتية الوطنية في حكومة بنيامين نتانياهو، وتولّى عام 1998 حتى 1999 حقيبة الخارجية في حكومة نتانياهو.
ولكن مع هزيمة نتانياهو في
الانتخابات العامة عام 1999، واستقالة الاخير من زعامة حزب الليكود، عاد
شارون بقوة إلى الساحة السياسية في إسرائيل من خلال قيادة الحزب حيث انتخب
رئيساً لليكود في أيلول/سبتمبر 1999.
كانت زيارة شارون لباحة المسجد
الاقصى في 28 ايلول/سبتمبر 2000 الشرارة التي اطلقت الانتفاضة الفلسطينية
الثانية. ولم ير شارون فيها سوى حلقة من "حرب المئة عام" التي تستهدف
الصهيونية واسرائيل.
وفي 6 شباط/ فبراير عام 2001،
انتخب شارون رئيساً لوزراء إسرائيل بأكثر من 62% من الأصوات وشكّل حكومة
وحدة. وسنة 2004 بادر شارون الذي صنف دوما في خانة الصقور، بخطة فك
الارتباط الأحادية الإسرائيلية من قطاع غزة، محطماً بذلك في ختام حياته
السياسية أسطورة اسرائيل الكبرى التي تشمل الاراضي الفلسطينية.
في 18 حزيران/يونيو
رفع 23 ناجياً من مجازر صبرا وشاتيلا دعوى على شارون امام القضاء البلجيكي
الذي أعلن في 26 حزيران/يونيو 2002 أنه لا يتمتع بصلاحية قبول هذه الدعوى
لأن شارون "لم يكن على الاراضي البلجيكي" عندما رفعت.
وفي 13 كانون
الأول/ديسمبر أقصت حكومة شارون "سياسياً" رئيس السلطة الفلسطينية ياسر
عرفات (الذي توفي في تشرين الثاني/نوفمبر 2004) وفرضت عليه إقامة جبرية في
المقاطعة برام الله في الضفة الغربية.
كان شارون يلقب "بالرجل الذي لا
يتوقف عند الضوء الاحمر". وعرف كذلك "بالبلدوزر" لأسباب تتعلق ليس فقط
ببنيته الضخمة بل بأسلوبه أيضاً.
انفصل شارون المعروف بطبعه
الهجومي وبروح السخرية عن حزب الليكود بسبب الانسحاب من غزة لينشئ في تشرين
الثاني/نوفمبر، حزب كاديما "إلى الأمام" الوسطي الذي فاز بالانتخابات
التشريعية الاسرائيلية في 28 اذار/مارس من العام ذاته بقيادة ايهود اولمرت
الذي خلفه.
وفي كانون الثاني/ يناير 2006 دخل شارون في غيبوبة بعد جلطة دماغية، حتى وفاته اليوم.